فصل: مقتل المظفر وولاية الظاهر بيبرس.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.مقتل المظفر وولاية الظاهر بيبرس.

كان البحرية من حين مقتل أميرهم أقطاي الجامدار يتحينون لأخذ ثاره وكان قطز هو الذي تولى قتله فكان مستريبا بهم ولما سار إلى التتر ذهل كل منهم عن شأنه وجاء البحرية من القفر هاربين من المغيث صاحب الكرك فوثقوا لأنفسهم من السلطان قطز أحوج ما كان إلى أمثالهم من المدافعة عن الإسلام وأهله فأمنهم واشتمل عليهم وشهدوا معه واقعة التتر على عين جالوت وأبلغوا فيها والمقدمون فيهم يومئذ بيبرس البندقداري وأنز الأصبهاني وبليان الرشيدي وبكتون الجوكندراي وبندوغار التركي فلما انهزم التتر من لاشام واستولوا عليه وحسر ذلك المد وأفرج عن الخائفين الروع عاد هؤلاء البحرية إلى ديدنهم من الترصد لثار أقطاي فلما قفل قطر من دمشق سنة ثمان وخمسين أجمعوا أن يبرزوا به في طريقهم فلما قارب مصر ذهب في بعض أيامه يتصيد وسارت الرواحل على الطريق فاتبعوه وتقدم إليه أنز شفيعا في بعض أصحابه فشفعه فأهوى يقبل يده فأمسكها وعلاه بيبرس بالسيف فخر صريعا لليدين والفم ورشقه الآخرون بالسهام فقتلوه وتبادروا إلى الخيم وقام دون فارس الدين اقطاي على ابن المعز أيبك وسأل من تولى قتله منكم فقالوا بيبرس فبايع له وأتبعه أهل المعسكر ولقبوه الظاهر وبعثوا أيدمر الحلي بالخبر إلى القلعة بمصر فأخذ له البيعة على من هناك ووصل الظاهر منتصف ذي القعدة من السنة فجلس على كرسيه واستخلف الناس عل طبقاتهم وكتب إلى الأقطار بذلك ورتب الوظائف وولى الأمراء وولى تاج الدين عبد الوهاب ابن بنت الأعز الوزارة مع القضاة واقتدى بآثار أستاذه الصالح نجم الدين ومبدأ أمر هذا الظاهر بيبرس أنه كان من موالي علاء الدين أيدكين البندقداري مولى الصالح فسخط عليه واعتقله وانتزع ماله ومواليه وكان منهم بيبرس فصيره مع الجامدارية وما زال يترقى في المراتب إلى أن تقدم في الحروب ورياسة المراكب ثم كان خبره بعد الصالح ما قصصناه انتهى والله سبحانه وتعالى أعلم.

.انتقاض سنجر الحلي بدمشق ثم أقوس البرلي بحلب.

ولما بلغ علم الدين سنجر بدمشق مقتل قطز وولاية الظاهر بيبرس انتقض ودعا لنفسه وجلس على التخت بدمشق وتلقب المجاهد وخطب لنفسه وضرب السكة باسمه وتمسك المنصور صاحب حماة بدعوة الظاهر وجاءت عساكر التتر إلى الشام فلما شارفوا البيرة جرد إليهم السعيد بن لؤلؤ من حلب عسكرا فهزمهم التتر وقتلوهم واتهم الأمراء العزيزية والناصرية ابن لؤلؤ في ذلك فاعتقلوه وقدموا عليهم حسام الدين الجوكنداري وأقره الظاهر وزحف التتر إلى حلب فملكوها وهرب حسام الدين إلى حماة ثم زحف إليها التتر فلحق صاحبها المنصور وأخوه علي الأفضل إلى حمص وبها الأشرف بن شيركوه واجتمعت إليه العزيزة والناصرية وقصدوا التتر سنة تسع وخمسين فهزموهم بعد هزيمتهم ونازلوا حماة وسار المنصور والأشرف صاحب حمص إلى سنجر الحلي بدمشق ولم يدخلا في طاعته لضعفه وسار التتر من حماة إلى أفامية فحاصروها يوما وعبروا الفرات إلى بلادهم وبعث بيبرس الظاهر صاحب مصر أستاذه علاء الدين البندقداري في العساكر لقتال سنجر الحلي بدمشق وقاتلهم فهزموه ولجأ إلى القلعة ثم خرج منها ليلا إلى بعلبك وأتبعوه فقبضوا عليه وبعثوه إلى الظاهر فاعتقله واستقر أيدكين بدمشق ورجع صاحب حمص وحماة إلى بلديهما وبعث الظاهر إلى أيديكن بالقبض على بهاء الدين بقري وشمس الدين أقوش اليرلي وغيرهما من العزيزية فقبض على بقري وفر العزيزية والناصرية مع أقوش اليرلي وطالبوا صاحب حمص وصاحب حماة في الإنتقاض فلم يجيباهم إلى ذلك فقال لفخر الدين أطلب لي الظاهر المقدم معك في خدمتك وبينما هو يسير لذلك خالفه اليرلي إلى حلب وثار بها وجمع العرب والتركمان ونصب للحرب فجاءت العساكر من مصر فقاتلوه وغلبوه عليها ولحق بالبيرة فملكها واستقر بها حتى إذا جهر الظاهر عساكره سنة ستين إلى حلب مع سنقر الرومي سار معه صاحب حماة وصاحب حمص للإغارة على أنطاكية ولقيهم اليرلي وأعطاهم طاعته وأقره الظاهر على البيرة ثم ارتاب به بعد ذلك واعتقله ثم علاء الدين أيدكين البندقداري مولى السلطان بدمشق وولى عليها بيبرس الوزير ورجع والله ينصر من يشاء من عباده انتهى.